أختي الحبيبة ...
لا تتعجلي حفظ القران الكريم.
لا تستعجلي فتيأسي فتتركي الحفظ فانه كما قيل : "الحفظ السريع يؤدي إلى النسيان السريع" ... سري في حفظك بتأن حتى تصلي الأول فقد يدرك المتأني بعض حاجته و قد يكون مع المستعجل الزلل..
هكذا كان العلماء ... لا يتعجلون و بهذا كانوا يوصون.
و تأملي كلامهم و تدبري وصاياهم :
"على من أراد الحفظ أن يترفق بنفسه و أن يراعي سنة التدرج و أن يقتصد في الحفظ على قدر يتمكن من إتقانه و فهمه و استيعابه و لا يحاول أن يحفظ فوق طاقته و قدرته فذلك ضرره أكثر من نفعه و ربما تسبب ذلك في تركه للحفظ جملة..."
و يقول شعبة رحمه الله : " كنت آتي قتادة رحمه الله فأسأله عن حديثين فيحدثني ثم يقول أزيدك فأقول لا حتى أحفظهما و أتقنهما"
لان الحفظ هو المطلوب فقللي المحفوظ.
و كما قيل الاحتفاظ بما في صدرك أولى من درس ما في كتابك أي المراجعة أهم من التقدم في الحفظ...
قال أبو عبد الرحمن السلمي رحمه الله تعالى : "حدثنا الذين كانوا يقرئوننا أنهم كانوا يستقرئون من النبي صلى الله عليه و سلم و كانوا إذا تعلموا عشر آيات لم يخلفوها حتى يعملوا بما فيها من العمل فتعلمنا القران و العمل جميعا."
و قال أبو العالية :" تعلموا القران خمس آيات, خمس آيات فان النبي صلى الله عليه و سلم كان يأخذه من جبريل خمسا خمسا"
و قال بعض أهل العلم : "من تعلم خمسا خمسا لم ينسه"
فقللي وردك أي الفقرة المحددة التي تحفظينها و ليكن همك الإتقان. ...
و ذكروا عن بعض الطلاب ممن عرفوا بالذكاء و القدرة على التحصيل انه كان لا يزيد في " متن خليل" على سطرين فقط.
فقيل له : لم لا تزيد و أنت قادر على التحصيل
فقال : لأنني عجلان أي مستعجل لأعود إلى أهلي
فقالوا له : إن العجلان يزيد في حصته
فقال : أريد أن أتقن ما أقرأ حتى لا أحتاج إلى إعادة دراسته فأتأخر.
فكلما كان عندكِ وقت فاجعليه للمراجعة حتى يثبت حفظكِ و يرسخ رسوخ الجبال...
و أخيرا كما قيل :
اليوم شيء و غدا مثله ******************* من نخب العلم التي تُلتقط
يُحصل المرء بها حكمة ******************* إنما السيل اجتماع النقط
و الله المستعان و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم. ...
1) الفوز بسعادة الدارين إن اقترن العمل الصالح بالحفظ.
2) شحذ الذاكرة و الذهن و لذا تجد الحافظ لكتاب الله أسرع بديهة و اضبط و أتقن من غيره لكثرة مرانه على ضبط الآيات و تمييز كلماتها المتشابهة و إرجاعها إلى مظانها.
3 ) سعة العلم... و هذا ملحوظ في الحفظة و إلى الحفظ يعزى تفوق الطلاب الحافظين على أقرانهم من غير الحفظة في كثير من المجالات مع تقاربهم في السن و الذكاء و البيئة... و يظهر التفوق جليا حتى في مواد الرياضيات و الجبر و الطب.
4) السمت الحسن و السلوك القويم و هذا ما يفرضه القران علة أهله...
5) الفصاحة و النطق السليم و إخراج الحروف العربية من مخارجها الطبيعية.
و الله جل و علا يقول عن القران :
***64831; نزل به الروح الامين * على قلبك لتكون من المنذرين* ***64830;
و رحم الله تعالى القائل :
خُذان وحي الله لم يرى غيرهم ******************* أهلا لحفظ كلامه المختار
لكن عليهم أن يقوموا بالذي ******************* فيه من المشروع للأبرار
صدق و إخلاص و حسن عبادة ******************* و قيام ليل مع صيام نهار
و تورع و تزهد و تعفف ******************* و تشبه بخلائق الأخيار
و ديانة و صيانة و أمانة ******************* و تجنب لخلائق الأشرار
و أداء فرض و اجتناب محارم ******************* و إدامة للحمد و الأذكار
يا حامل القران إن تك هكذا ******************* فلك الهناء بفوز عقبى الدار
و متى أضعت حدوده لم تنتفع ******************* بحروفه و سكنت دار بوار
الجد بالجد و الحرمان في الكسل *********** فانصب تصب عن قريب غاية الأمل
أيتها الحبيبة...
إذا أردت أن تحفظي القران الكريم كما تحفظين سورة الفاتحة...
فخذي الصفحة التي تريدين حفظها خذيها آية آية ... هيا... هيا إلى الحفظ الجيد إلى الحفظ المتين.
اقرئي كل آية من 20 إلى 25 مرة حتى تنتهي من خمس آيات ثم خذي هذه الآيات التي قرأتها فاقرئيها مرة ثانية بنفس العدد أو قريبا منه [ و مقدار الإعادة و التكرار يختلف من شخص لآخر فمن عرف من نقسه جودة الحفظ و إتقانه في مرات محدودة قليلة فليقتصر على ذلك. ]
ثم انتقل إلى الآيات التي بعدها و هكذا حتى تنتهي من حفظ الصفحة بهذه الطريقة.
أيتها الحبيبة...
انك الآن قرأتِ الصفحة أكثر من 25 مرة أليس كذلك..؟
فاستعيني بالله تعالى و امضي في طريقكِ بعزم و همة خذي الصفحة من جديد فاقرئيها من أولها إلى آخرها 25 مرة... استريحي دائما أثناء القراءة.
لا تجعلي حفظكِ للصفحة في جلسة واحدة... كلا فلا تحملي نفسكِ فوق طاقتها... الرفق الرفق...
الآن انتهيت بحمد الله تعالى من حفظ الصفحة فقومي و صلي ركعتين بهذه الصفحة..
قسمي الصفحة على الركعتين أو اقرئي الصفحة في كل ركعة...
يا الله... ما النتيجة ؟ و ماذا وجدت ؟ و ماذا رأيت ؟ ... الجواب : النتيجة مذهلة مدهشة و رأيت ما لا يدور ببال و لا بخيال.
أليس كذلك أيتها الحبيبة؟ ...
كان احد العلماء يكرر المسالة الواحدة 100 مرة, و كان اخر يكرر المسالة 400 مرة, و اخر 490 مرة من اجل ذلك صار العلم و كانه بين عينيه.
و وصف احد العلماء شيخ الاسلام ابن تيمية –رحمه الله تعالى- فقال : "و كان العلم كانه قد اختلط بلحمه و دمه."
سبحان الله...
لكل مجتهد نصيب و من جد وجد ( و لا يظلم ربك احدا ) -الكهف 49-
و قال ابو اسحاق الشيرازي –رحمه الله تعالى- : "كنت اعيد كل قياس الف مرة و كنت اعيد كل درس الف مرة."
و قرا احدهم كتابا فلم يفهمه فكرر قراءة الكتاب 40 مرة فحفظه.
فالتكرار اساس الحفظ و لا يكون حفظ الا بالتكرار.
عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : "اغتنم خمسا قبل خمس : حياتك قبل موتك, و صحتك قبل سقمك, و فراغك قبل شغلك, و شبابك قبل هرمك, و غناك قبل فقرك."
الوقت هو رأس مال الإنسان. الوقت غال لا يباع و لا يشترى و إن ذهب لا يعوض و لا يكترى و العاقل هو من وفقه الله تعالى لحفظ أوقاته.
تأملي هذا الكلام...
دخلوا على رجل من السلف فقالوا : "لعلنا شغلناك". قال: "أصدقكم كنت أقرأ فتركت القراءة لأجلكم."
و كان آخر يوصي أصحابه : "إذا خرجتم من عندي فتفرقوا لعل أحدكم يقرا في طريقه و متى اجتمعتم تحدثتم."
هكذا كان حرص السلف الصالح و لذا حفظوا و أتقنوا...
أيتها الحبيبة...
انك لن تستطيعي أن تحفظي القرآن إلا إذا حافظت على أوقاتك.
فمثلا : إذا حددت للحفظ 3 ساعات يوميا فحافظي على هذه الساعات حتى تصبحي في اقل من سنتين من الحفظة المهرة و لتكن هذه الساعات أغلى ساعات يومكِ و لا تسمحي لأي احد أن يفوت عليكِ ساعات الحفظ و المراجعة.
أيتها الحبيبة...
إن حفظ القرآن سبب من أسباب النجاة من النار..
تأملي هذا الحديث :" لو جعل القرآن في اهاب ثم القي في النار لما احترق". و في رواية : " لو جمع القرآن في اهاب ما احرقه الله بالنار." قال بعض العلماء :" .. فإخبار النبي صلى الله عليه و سلم أمته بقوله هذا أن من كان معه القرآن منعه أن تعمل فيه النار و لو القي فيها."
أيتها الحبيبة...
هيا نظمي أوقاتك و حددي ساعات حفظك و اختاري 3 ساعات من بين 24 ساعة ساعتان للحفظ و نصف ساعة للمراجعة و نصف ساعة للتلاوة فانه كما قيل التلاوة وقود الحفظ.
اختاري انسب الأوقات للحفظ اختاري وقتا مباركا كوقت الشروق و لا تنسي دعاء رسولنا الكريم صلى الله عليه و سلم: " اللهم بارك لأمتي في بكورها " و قيل : " أجود الأوقات للحفظ الأسحار"
فيا أيتها الحبيبة...
متى وجدت نفسكِ منشرح الصدر هادئ البال اقبلي على الحفظ حفظ الجديد...
إذا هبت ريحك فاغتنمها ********* فما تدري السكون متى يكون
و أخيرا هل تدرين أيتها الحبيبة ما معنى حفظ الوقت و ما قيمة حفظ الوقت و اغتنام اللحظات و الأنفاس في طاعة الله عز و جل.
• ارتفاع المنزلة في الدنيا و الآخرة.
• معناه أن تكوني من السابقين الأولين.
• معناه انه سوف يقتدي بك الآخرون و هذه منزلة عظيمة ( و اجعلنا للمتقين إماما ) -الفرقان 74-
• معناه انكِ تكونين من أهل الله الذين هم الأولياء الآمنون في الدنيا و الآخرة.
ما هي الذاكرة...
الذاكرة هي القدرة على تخزين المعلومات و استرجاعها.
إذا أردت ايتها الحبيبة أن يكون لديكِ ذاكرة قوية :
1 – كوني قوية الملاحظة.
2- التخزين المنظم للمعلومات. أي لا تنشغلي أثناء الحفظ بشيء آخر و لو يسيرا حتى لا يؤثر على حفظكِ.
3 – استرجاع المعلومات. أي في فترات متقاربة بالسماع أو النظر.
انهض إلى الحفظ في جد بلا كسل ******** نهوض العبد إلى الخيرات يبتدر
و اصبر على نيله صبر المجد له ******** فليس يدركه من ليس سيصطبر